*دولة القانون*
الخرطوم ..ناس برس
المثل السوداني القائل “الجمل لا يرى عوجة رقبته” يتفق وقاعدة أن المفسد لا يرى فساده لأنه كالكوز المجخي، فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً. الإصلاح ليس مجرد غاية وإنما بالضرورة وسيلة منظورة لعلاج دمار أو بلوغ كمال.
بالطبع أي عملية إصلاح لا تجري بصورة مؤسسية فلن تُنتج آثارها. الإصلاحات المؤسسية بطبيعتها تشمل كافة هياكل الدولة وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية. إجماعاً الإصلاح المؤسسي لا ينحصر في تطبيق قواعد الإدارة أو السياسة الرشيدة أو الديمقراطية والشفافية والنزاهة والحوكمة وإنما في تبني تلك المبادىء كحزمة. من مطلوبات الإصلاح المؤسسي أن التماس تلك المبادىء لن يجدي ما لم يتولاها من يملك الإرادة، فتتجلى في أفعاله وأقواله نواياه.
الإصلاح المؤسسي بطبعه لا يحتمل تجريب المجرب ولا مغامرات الفاشل. كذا من شروطه أن تُسند عمليات الإصلاح لمن يملكون التخصصية المهنية ليشكلوا العاطفة الجمعية لمشروع الوطن أو أي هيئة من هيئاته. ورغماً عن أن عمليات الإصلاح المؤسسي هدفها مستقبلي إلا أنها لا تتجاهل أو تُهمل تقديم الحلول المؤقتة بالإفادة من أي جوانب مشرقة، ولو على قلتها. الإصلاح المؤسسي لا يعني الهدم الكامل دون توفير البدائل وذلك لأن من أولى أولويات الإصلاح مراعاة مصالح الشعب وحاجاته اليومية والتي هي بذاتها من ضروريات عملية الإصلاح.
إن التحول الديمقراطي يظل مجرد ادعاء كاذب ما لم يتبن عمليات الإصلاح المؤسسي ويطبقها بحذافيرها. لنجاح فترات الانتقال بداية الإصلاح المؤسسي تكمن في الإفادة من جذوة الثورة لتحريك واستيعاب وإشراك القواعد لتختار من يقودون كافة مراحل التأسيس وصولاً للتجويد.
لا يجوز لمن يرغب في من ينشد الإصلاح أن يفرض نفسه أو يتسلط أو يحتكر السلطة. التوافق على قيادة كل مرحلة يتطلب التدريب والتوسّع في دوائر المشاركة ضماناً للاستمرارية وسلامة التطبيق. تحديد اتجاهات الرأي أو اختيار العناصر المؤمنة بالتحول أو الحصول على أي معلومات أو إحصائيات باتت غاية في السهولة سيما في ظل الطفرات التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي. السؤال الذي يطرح نفسه: هل مفهوم الإصلاح المؤسسي منذ بداية الفترة الانتقالية ظل مطروحاً كضرورة لنجاحها؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
10 فبراير 2023
